) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (
أما والله لو علم الأنام
حياة ثم موت ثم نشر |
لما خلقوا لما غفلوا وناموا
وحشر ثم أهوال عظامُ |
قلنا لأحد العلماء ، النبلاء ، الأولياء : عظنا موعظة ، للقلوب موقظة ، فإن قلوبنا بالذنوب مريضة ، وأجنحتنا بالخطايا مهيضة ، فنحن قد أدمنّا الذنوب ، وعصينا علاّم الغيوب ، حتى قست منا القلوب ، فقال : واحرّ قلباه ، واكرباه ، يا ربّاه ، يا ابن آدم تذنب ولست بنادم ، الأنبياء يبكون ، والصالحون يشكون ، تتابع المعاصي ، وتستهين بمن أخذ بالنواصي ، ويحك كيف تلعب بالنار ، وتستهين بالجبار ، يغذيك ويعشِّيك ، ويقعدك ويمشيك ، ثم تنهض على عصيان أمره ، مع علوِّ قدره ، وعظيم قهره ، ويلك هذا الملك كسر ظهور الأكاسرة ، وقصّر بالموت آمال القياصرة ، وأرغم بالجبروت أنوف الجبابرة ، الروح الأمين ، وَجِل مسكين ، من خوف القويّ المتين ، ومحمد يتهجد ويتعبد، وهو الذي دعا كل موحِّد ، ومع هذا يتوعد ويهدد ، من ركن لكل كافر وملحد .
أين عقلك يا مغرور ، هل نسيت يوم العبور ، وساعة المرور ، كل طائر من خوفه يخرُّ صريعًا ، وكل كاسر يئن من خشيته وجيعًا ، أبو بكر انتفض من خوفه كالعصفور ، وصار صدره بالنشيج يفور ، وسقط الفاروق من الخشية على الرمال ، حتى حُمِل على أكتاف الرجال ، وبقي ذو النورين ، من منظر القبر يبكي يومين ، وهذا علي بن أبي طالب دموعه من التذكر سواكب ، كان عمر بن عبد العزيز ، يرتعد ولصدره أزيز ، ويقول : يا قوم ، اذكروا صباح ذلك اليوم ، ويلك والله لو أن القرآن نزل على صخر لتفجر ، ولوهبط على حجر لتكسر ، وتقرؤه وأنت لاهٍ ساه ، تتفكر في المنصب والجاه ، كأن الليالي لا تطويك ، والكلام لا يعْنيك ، تدفن الآباء والأجداد ، وتفقد الأخوة والأولاد ، وأنت لازلت في إصرار وعناد ، سبحان الله تغترّ بالشباب ، وتزيّن الثياب ، وتنسى يوم يُهال عليك التراب.
إدارة الموقع